هناك دائما من يعوض خسائر ترامب.. “السعودية”
الهدهد/ متابعات
في تشرين الاول/اكتوبر عام 2018 قال الرئيس الاميركي دونالد ترامب متبجّحا إن السعودية لن تصمد اسبوعين بدون حماية الولايات المتحدة لها..
لم توضع بنود اتفاقية “كوينسي” عام 1945 بين الرئيس الاميركي “فرانكلين روزفلت” والملك “عبد العزيز” لكي يتم تغييرها. فهي من الالف الى الياء في صالح الاميركيين على قاعدة حماية العائلة الحاكمة في السعودية مقابل النفط.
والمقصود بتعبير مقابل النفط ليس فقط النفط المستخرج بطبيعته وعناصره. بل ايضا الاموال والتريليونات التي تأتي منه وتوظف بما يخدم المصلحة الاميركية.
منذ يومين انهارت اسعار النفط الخام الاميركي الى ما دون الصفر للبرميل. في وقت كان يصارع الرئيس الاميركي مع حكام الولايات لاعادة اطلاق عجلة الاقتصاد لتعويض ما يمكن تعويضه من الخسائر الفادحة التي تلقاها الاقتصاد بسبب تفشي فيروس كورونا واغلاق المصالح والاعمال في البلاد.
هذا الانهيار له خلفياته وله نتائجه في المستقبل. لكن لفهم ذلك لا بد اولا من القاء نظرة سريعة على ما يعانيه الاقتصاد الاميركي حاليا.
1- إضافة لانهيار اسعار الخام الاميركي للعقود الاجلة لشهر حزيران/ يونيو، تحولت اسعار الخام للعقود الاجلة لشهر ايار/ مايو الحالي الى سلبية لاول مرة منذ 37 عاما.
2- تشير التقديرات الى ان نحو 530 شركة تعمل في التنقيب عن النفط في الولايات المتحدة ستعلن افلاسها قبل نهاية العام المقبل 2021. وذلك نتيجة التراجع الكبير في اسعار النفط. وتقول التقديرات انه في حال بقي التراجع طويلا قد يصل عدد الشركات المفلسة الى 110 شركات.
3- خسر الاقتصاد الاميركي خلال اسابيع قليلة اكثر من 22 مليون وظيفة. فيما ارتفع عدد طالبي اعانات البطالة في الولايات المتحدة الى 17 مليون شخص.
4- تحذيرات من كوارث في القطاع المصرفي في ظل مخاوف من تخلف عدد كبير من الشركات والافراد عن سداد اقساط قروض منحتها المصارف، نتيجة توقف عجلة الاقتصاد. ما يعين مخاطر ازمة مالية شبيهة بازمة 2009.
هذه الوقائع التي توجت بانهيار اسعار النفط ستدفع بادارة الرئيس دونالد ترامب الى البحث عن مصادر لتعويض الخسائر التي تقدر باكثر من 3 تريليون دولار حتى الان دون الاخذ بالحسبان نتائج انهيار اسعار النفط اذا ما استمر لفترة اطول.
ترامب ألمح بعد ازمة الاسعار الى انه يدرس وقف استيراد النفط من السعودية. هذا التلميح قد لا يقف عن تفسير استيراد النفط فقط. فواشنطن بحاجة لبيع نفطها المتكدس في المخازن لتعويض خسائرها. وبالتالي فان المتوقع وبقوة ان يطلب ترامب من السعودية وقف بيع نفطها افساحا في المجال لبيع النفط الاميركي.
هذا الطلب قد يبدو غريبا وغير مستساغ، لكن اذا ما تذكرنا ان ترامب اتصل بالملك السعودي سلمان بن عبدالعزيز قبل عام تقريبا وقال له انه يجب ان يدفع لواشنطن مقابل الدعم الذي يتلقاه من الاخيرة، لن يكون غريبا ولا صعبا ان يتصل مجددا بالملك السعودي او ولي عهده محمد بن سلمان ويقول عليكم ان توقفوا بيع نفطكم انه دورنا، نريد ان نبيع نفطنا.
ولترامب تبريراته الخاصة في ذلك، فهو يحمل السعودية جزءا من المسؤولية عن تراجع اسعار النفط عالميا بعد رفعها معدل الانتاج عقب انهيار المحادثات في اطار “اوبك بلاس” وتحديدا روسيا.
لكن بالنسبة للسعودية الوضع سيكون كارثيا خاصة اذا ما استمر انهيار اسعار النفط، وطال امد ازمة كورونا. بمعنى اخر ستكون “رؤية 2030” الخاصة بولي العهد محمد بن سلمان في مهب الريح. ومساعيه لتأمين وصول سلس للعرش ستواجه صعوبات وعقبات مستجدة. و سيحتاج بطبيعة الحال لمساعدة الاميركيين، عندها سيجد نفسه مضطرا لانقاذ حليفه ترامب اقتصاديا ولو ادى ذلك الى انهيار الاقتصاد السعودي مقابل حماية الاميركي له.
“انهم (السعوديون) لا يملكون شيئا الا المال”. قالها ترامب سابقا وبنى علاقته مع السعوديين على هذا الاساس. وما بعد كورونا سيتم تطبيق هذه المقولة بشكل اوسع. فبين تريليونات السعودية وازمة ترامب الاقتصادية والمرتبطة حكما بانتخابات 2020، رابط قوي.. المال مقابل الحماية.
حسين الموسوي