النباء اليقين

عمال النظافة.. جهود جبارة

الهدهد / مقالات

عبدالفتاح علي البنوس

في خضم الأحداث والخطوب والمدلهمات التي يواجهها الوطن نتيجة العدوان والحصار الجائر، وفي ظل تداعيات فيروس كورونا، تبرز الكثير من الشرائح المجتمعية التي تمثل علامة فارقة في المشهد اليمني بكل تفاصيله، ومن هذه الشرائح التي سنقف عندها اليوم، أصحاب السواعد السمراء، الفدائيون الذين يعملون في قطاع النظافة في مختلف المحافظات اليمنية على امتداد ربوع وطننا الحبيب من صعدة إلى المهرة.

الشريحة الأكثر جهدا، والأقل أجرا، والأكثر عرضة للإصابة بالأمراض والأوبئة، هؤلاء الذين كان لهم الفضل بعد الله عز وجل في الحد من تفشي وباء كورونا، رغم التهويل والخوف وحالة الذعر والقلق التي أحيطت بهذا الفيروس، إلا أنهم كانوا عند مستوى المسؤولية، وظلوا يعملون ليلا ونهارا، يرفعون المخلفات من الأحياء والشوارع والأزقة والحارات، معرضين أنفسهم للخطر، إيمانا منهم بقداسة المهنة التي يمارسونها، والدور الهام الذي يقومون به، والذي يعد علامة من علامات الإيمان، كما أخبر بذلك الرسول الأعظم سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم.

رغم ظروفهم الصعبة، وأوضاعهم المريرة، وأجورهم الزهيدة، ومعاناتهم التي لا تنقطع، إلا أنهم رسموا بثباتهم في مواقع عملهم لوحة صمود في غاية الجمال والروعة، لوحة وطنية بديعة يستحقون عليها أسمى آيات الشكر والتقدير والثناء والعرفان، لهم ولأمثالهم من الشرفاء الذين وقفوا في وجه العدوان، وفضلوا خوض معركة النفس الطويل من ميادين وساحات العمل، تخلع القبعات، وهذه شهادة حق يجب أن تُقال في حقهم، فلولا أن الله تعالى سخرهم في هذه المرحلة لكانت البلاد في حالة مغايرة لما هي عليه الآن فيما يتعلق بالأوبئة والأمراض.

ما يقومون به ليس بالأمر الهين، فهم يمثلون جبهة من جبهات الصمود، يواجهون من خلالها العدوان ويسقطون كافة مؤامراته ويفشلون كافة مخططاته، يقدمون نموذجا فريدا في البذل والتضحية والفداء، يعملون على نظافة الأحياء والشوارع، يصلحون ما نفسده نحن بسلوكياتنا العشوائية وقلة وعينا بأهمية النظافة والحفاظ على البيئة، لم نسمع منهم أن أعلنوا تذمرهم من هذا العمل حتى في ظل الظروف الراهنة المتعلقة بجائحة كورونا، لم يكترثوا للزوبعات والتهويل الإعلامي، فكان دورهم مميزا وملموسا.

هؤلاء هم نسق الحماية الأول في مواجهة الأوبئة والأمراض، ولذا لا بد من العناية والاهتمام بهم، والعمل الجاد على تحسين أوضاعهم وتقديم كل ما هو ممكن ومتاح من إمكانيات لهم، فهم يستحقون ذلك، نشد على أيدي حكومة الإنقاذ على ضرورة العناية بعمال النظافة والتركيز على جانب التأمين الصحي الذي يكفل لهم حقهم في العلاج في حال تعرضهم لأي مكروه لا سمح الله، فكما نريد عامل النظافة أن يهتم بعمله وينتظم فيه، فإننا مطالبون بإيلاء هذا العامل الرعاية والاهتمام من باب التشجيع والتحفيز، وهنا انتهزها فرصة للحث على الاهتمام والتركيز على جانب التوعية، من خلال تكثيف نشاط فرق التوعية في الحارات والمناطق والتنسيق مع عقال الحارات وأعضاء المجالس المحلية والناشطين من أجل خلق وعي بيئي في أوساط المجتمع، يسهم في تخفيف الضغط على عمال النظافة، وتفعيل فرق الضبط والمخالفة والمتابعة من أجل الحفاظ على النظافة، ففي ذلك سلامتنا وأطفالنا وجيراننا ومن حولنا.

بالمختصر المفيد: بالنظافة نحارب ونكافح الفيروسات والأمراض والأوبئة، لذا الكل معني بالتكاتف من أجل الحفاظ على نظافة مدننا وشوارعنا، وعلى الحكومة العمل الجاد والملموس على تذليل الصعاب التي تواجه عمال النظافة وصناديق النظافة والتحسين، وتوفير المتاح والممكن من الإمكانيات للوصول إلى المستوى المنشود في خدمات النظافة وخصوصا في ظل التزايد الكبير للنازحين والتوسع الهائل في المدن الرئيسية والثانوية، وما يترتب على ذلك من زيادة في الإنتاج اليومي من المخلفات وهي أعباء يتحملها عامل النظافة وصناديق النظافة والتحسين والسلطات المحلية.

هذا وعاشق النبي يصلي عليه وآله.