حصيلةُ عامٍ من العُــدْوَان على شواهدِ الحضارة اليَـمَـنية
زكريا الشرعبي / صدى المسيرة
– تدميرُ أكثر من 68 موقعاً أثرياً وتضرّر 4000 مَعْـلَم
– وزارةُ السياحة: خسارتُنا فاقت 2 مليار دولار بسبب العُــدْوَان وكنا نرفد الميزانية بمليارَي دولار سنوياً
– الترويج السياحي: تدمير 142 منشأة سياحية وإغلاق 345 وكالة، وتسريح 95% من عُمّال القطاع السياحي
مضى عامٌ من العُــدْوَانِ الأَمريكي السعودي على اليَـمَـن.. القصفُ طال الحجَرَ والبشرَ وكل مقومات الحياة، إنه عامٌ من العُــدْوَان على حضارة وتأريخ الإنْسَـانية كلها.
عُــدْوَانٌ طال شواهدَ تاريخية تتجذر في أعماق الآلاف من السنين وتنتمي إليها العديد من الشعوب والحضارات.
وفي هذا الملف عرضٌ تسلسليٌّ لأبرز المعالم التاريخية والحضارية التي طالها حقدُ الطارئين على الزمن في خلسةٍ منه وحوّلها إِلَـى رُكامٍ بعد عين.
إبريل.. رمالُ الصحراء تتطاوَلُ على قلاع الحضارة
في العاشر من شهر أبريل 2015م استهدف طيران العُــدْوَان مدينةَ صعدة التأريخية التي يعود تأريخُها إِلَـى عصور قديمة جداً، وتحتوي في نطاقها تنوعاً حضارياً وثقافياً، يعود جزء منه إِلَـى ما قبل التأريخ وقد تضررت هذه المدينة بشكل شبه كلي.
وفي نفسِ اليومِ استهدف طيرانُ العُــدْوَان مسجد دار الحَيْد في مديرية سنحان محافظة صنعاء ودمّره بشكل كلي، ولم يمضِ أحد عشر يَـوْماً على هذا الاعتداء حتى قام طيران العُــدْوَان باستهداف قرية عطان التاريخية وألحق بها أضراراً بالغة.
كان هذا في 21 أبريل، وفي 23 أبريل استهدف العُــدْوَان دار الحسن التأريخية بمديرية دَمْت بمحافظة الضالع ودمّرها بشكل كلي.
وفي الرابع والعشرين من ذات الشهر استهدف طيرانُ العُــدْوَان مدينتَي براقش وصرواح التأريخيتين واللتين يعود تأريخُهما إِلَـى ما قبل الإسْـلَام بقرونٍ عديدة.
مايو.. حقْــدُ الأعراب في أبشعِ صوره
في التاسع من هذا الشهر دمّر العُــدْوَان جامع الإمام الهادي يحيى بن الحسين عليه السلام، وهو جامعٌ بناه الإمام الهادي في القرن الثالث الهجري.
وفي الحادي عشر من هذا الشهر أَيْـضاً شَنَّـت طيرانُ العُــدْوَان الحاقد عدداً من الغارات على قلعة القاهرة بمحافظة تعز وهذه قلعة تأريخية بناها الرسوليون على أنقاض حصن يعود إِلَـى ما قبل الإسْـلَام.
وفي ذات اليوم قصَفَ العُــدْوَان السعودي المتحفَ الوطني ومتحف الموروث الشعبي بأمانة العاصمة، وكذلك قصف قلعة نقم العائد تأريخها إِلَـى مطلع القرن العشرين.
وفي اليوم التالي تمَادَى العُــدْوَان الحاقد وقام بقصف مدينة هي ضمن قائمة التراث العالمي ليلحق بها أضرار بالغة، هذه المدينة هي مدينة زبيد المعروفة بمدينة العلم والعلماء.
واستمراراً في مسلسل استهداف الحضارة والهوية اليَـمَـنية، قام العُــدْوَانُ في الثالث عشر من شهر مايو بقصف جرف أسعد الكامل في محافظة إب مديرية القفر، ويعود تأريخ هذا الجرف إِلَـى زمن الدولة الحميرية.
وفي نفس اليوم قصف العُــدْوَان الأَمريكي السعودي قلعة وحُصن القفلة التأريخية مديرية ساقين محافظة صعدة.
وفي الحادي والعشرين من ذات الشهر قصف طيران الهدوان متحف ذمار، وهو متحفٌ تأريخي يحتوي على آلاف القطع الأثرية وقد تم تدميره بشكل كلي.
وفي الثالث والعشرين من هذا الشهر قام العُــدْوَان بقصف حُصن عفاش التأريخي في مديرية سنحان.
أما في الرابع والعشرين من هذا الشهر فقد قام العُــدْوَان بقصف قلعة جبل الشريف في مديرية باجل بمحافظة الحديدة.
وفي التاسع والعشرين من هذا الشهر قام العُــدْوَان بقصف كُلٍّ من حصن النُّعمام وحصن المنصورة في محافظة حجة.
ولم يرغب طيران العُــدْوَان لهذا الشهر أن ينتهيَ قبل أن يضيفَ إِلَـى سجله جريمةً أخرى بحق الحضارة اليَـمَـنية والتراث الإنْسَـاني، حيث قام هذا العُــدْوَان في 31 من شهر مايو بقصف سد مأرب التأريخي الذي يعود تأريخُه إِلَـى الألف الأول قبل الميلاد، مدمراً إياه بشكل شبه كلي.
يونيو.. الخليجيون يقصفون سام بن نوح وملكة سبأ وحصون حجة
وأتى الشهرُ الثالثُ ليواصلَ العُــدْوَان استهدافه لمعالم وشواهد التأريخ اليَـمَـني ففي الخامس من هذا الشهر قام العُــدْوَان باستهداف دار الحجر التأريخي، وهو دارٌ قديمٌ يجسد العمارة اليَـمَـنية ومبني على حجر.
وفي العاشر من هذا الشهر قام العُــدْوَان بقصف مَجْمَعِ العرضي التأريخي، أما في الثاني عشر من هذا الشهر فقد قام العُــدْوَان بكل بشاعة وصلف بقصف مدينة صنعاء القديمة التي تمتدُّ جذورُها إِلَـى ما قبل الآلاف من السنين، وقد مر فيها عدداً من المنازل التأريخية في حي القاسمي، كما دمَّر فيها قصر غمدان.
وفي الثالث عشر من يونيو عاد العُــدْوَان ليقصف مدينة مأرب القديمة.
وفي الثاني والعشرين من يونيو استهدف طيرانُ العُــدْوَان الغاشم كلاً من قلعة صيرة وقصر العبدلي (متحف عدن) في محافظة عدن.
وبعدَها بأربعة أيام قصف العُــدْوَان متحفَ عتق في شبوة، ودمّر حصن الشرف في مدينة حجة، وكذلك كلٌّ من قلعة المنصورة وقلعة القشلة والمجمع الحكومي القديم وخرائب قلعة الإدريسي وخرائب الجوبة وخرائب الخور في مديرية ميدي بحجة، إضافة إِلَـى خرائب العلالي في وادي تعشر بمديرية بكيل المير وحصن قفل حرض وخرائب جبل جحفان في محافظة حجة أيضاً.
سبتمبر.. صنعاء القديمة تقصف مرة أخرى
في السابع عشر من سبتمبر قام طيرانُ العُــدْوَان بقصف جامع حبور ظليمة في محافظة عمران
وفي الثامن عشر من سبتمبر عاد العُــدْوَان ليصُبَّ أحقادَه على مدينة صنعاء القديمة باستهداف حي الفليحي وتدمير المنازل التأريخية والإضرار بها، حيث تضرر ما يقارب خمسين منزلاً وتدمر منزل بشكل كامل.
أكتوبر.. قصر صالة يستحيلُ إِلَـى رماد
في الخامس والعشرين من أكتوبر قصف العُــدْوَان الأَمريكي السعودي قصر صالة في محافظة تعز وهو قصر قديم خاص بالإمام أحمد بن يحيى حميد الدين وحول بنيته إِلَـى ركام.
نوفمبر.. العُــدْوَان يقصف حُصنَي الميزر والترب في شبوة
في الثاني عشر من شهر نوفمبر قام العُــدْوَان الغاشم بقصف حصن نجد الميزر بمحافظة شبوة مديرية بيحان، وفي السادس عشر من هذا الشهر تم استهداف حصن الترب في محافظة شبوة.
2016م.. ما يزال الحقد مستمراً
العُــدْوَان الأَمريكي السعودي لم يترك منطقةً أثرية أو تأريخية في اليَـمَـن إلا وتطاول عليها بغاراته السافرة، ولم يكن عام 2015 هو العام الذي تم فيه تدميرُ معالم الهُوية والحضارة اليَـمَـنية، ففي السادس عشر من شهر يناير 2016م عاد العُــدْوَان الأَمريكي السعودي لقصفِ معبد أوعال صرواح التأريخي، وفي الرابع عشر من شهر فبراير 2016م قصف طيران العُــدْوَان مدينة كوكبان تاج اليَـمَـن التأريخي مدمراً بوابتها وعدداً من المنازل فيها، كما قام بقصفِ بيت مال المسلمين وكذلك منزل الإمام البدر في مديرية مسور بمحافظة عمران.
أما في شهر مارس 2016م فقد عاد العُــدْوَان لقصف قلعة حريب مأرب وهي القلعة التي يعود تأريخُها إِلَـى آلاف السنين.
داعش من الجو وداعش في الأرض
لم يكن استهدافُ طيران العُــدْوَان الأَمريكي السعودي لشواهدِ التأريخ اليَـمَـنية إلا جانباً من الحقد الممنهج على حضارة وتراث الإنْسَـانية المدعّم بالعقيدة والفتاوى الوهابية المحرضة على معالم التأريخ الإنْسَـاني وعلى غرار ما قامت به داعش في العراق وسورية وما قامت به الوهابية مطلع القرن العشرين من تدمير للآثار الإسْـلَامية في مكّة والمدينة قامت التنظيماتُ الإرهابية بالتطاول على العديد من الآثار والمعالم التأريخية اليَـمَـنية كرديفٍ لما يقوم به طيران الدول الداعمة لهذه الجماعات، حيث قامت هذه الجماعات بتفجير قبة الإمام السقاف في السادس من شهر أغسطس، وقبة الحبيب حمد بن صالح في محافظة حضرموت في السابع من أغسطس أَيْـضاً، كما قامت بتفجير قبة الشيخ يعقوب التاسع عشر من شهر سبتمبر، وقبة الشيخ المعيني في تعز في السادس والعشرين من شهر نوفمبر.
كما دمّرت قِبَاباً وأضرحة غيل باوزير في محافظة حضرموت منتصفَ فبراير الماضي.
خسائر وزارة السياحة والترويج السياحي
العُــدْوَان الأَمريكي السعودي أثّر على قطاع السياحة والترويج السياحي بشكل كبير، حيث بلغت خسائر وزارة السياحة أكثر من اثني عشر مليار دولار خلال عام من العُــدْوَان، وفي كلمة للقائم بأعمال وزير السياحة عصام السنيني الثلاثاء الماضي في فعالية أقامها مجلسُ الترويج السياحي بمناسبة مرور عام من العُــدْوَان استعرض القائم بالأعمال الخسائر التي تكبدها القطاع السياحي خلال هذا العام، مُشيراً إِلَـى أن أكثر من نصف مليون عامل في القطاع السياحي توقفوا عن العمل، وأن العُــدْوَان أفقد الدولة اليَـمَـنية مورداً هاماً من موارد الدخل.
بدوره أشار القائم بأعمال رئيس مجلس الترويج السياحي محمد أبوطالب، إِلَـى أن القطاع السياحي في اليَـمَـن قد تكبد الأضرار والخسائر الكبيرة جراء هذا العُــدْوَان، وأن هذه الأضرار بلغت حوالي 2 مليار دولار، وأنه تم تدمير أكثر من 142 منشأة سياحية تنوعت بين المطاعم والفنادق، بالإضافة إِلَـى التسبب بإغلاق 345 وكالة سياحية، وبلغت خسائر هذه الوكالات قرابة 745 مليون دولار، وَتسريح 95% من العاملين بقطاع السياحة يعولون أكثرَ من500 ألف نسمة بجميع المحافظات.
وأكد أبو طالب أن تعمُّدَ استهداف المواقع السياحية والأثرية والتراثية والحضارية من قبل العُــدْوَان الأَمريكي السعود يعد جهلاً وخروجاً عن القوانين المواثيق والأعراف الدولية التي تجرّم استهدافَ مثل هذه الأماكن، بالإضافة إِلَـى كونه تجرُّداً من كُلّ أخلاقيات الحرب، وموضحاً في الصعيد ذاته أن هذا الأمر قد تسبب في خروج اليَـمَـن من كُلِّ المحافل السياحية الدولية مثل المعارض الدولية والفعاليات السياحية المتعددة في العالم.
وكانت وزارةُ الثقافة قد أعْـلنت في مؤتمر صحفي الأسبوع الماضي أن أكثرَ من مَعْلَمٍ أثري تضرر جراء العُــدْوَان الأَمريكي السعودي