النباء اليقين

عن.. شهرين في الكويت

علي أحمد جاحز

لشهرين في الكويت لم أشعر إلا أنني في بلدي، هذه هي الحسنة الأهم في مشاركتنا مع الوفد الوطني في المشاورات، فالكويت بلد مضياف وأهلها طيبون وكرماء ومحبون لليمن واليمنيين بشكل خاص، ولعل هذه الجزئية تهون علينا ما تبقى من تفاصيل وجزئيات عشناها في هذه الرحلة التي لا تزال مستمرة.
خلال أيام الشهرين الماضيين اللذين قضيناهما في الكويت، عشنا الكثير من الأحداث والتغيرات، وعايشنا الكثير من المؤثرات والارهاصات التي تراوحت بين الأمل والخيبة، بين التفاؤل والتشاؤم، بين الاقتراب من الفرج وبين البعد عنه، وفي كل الأحوال كانت ولا تزال تجربة كبيرة ومهمة على المستوى الشخصي وعلى المستوى الوطني.
خلال الشهرين الطويلين السريعين في نفس الوقت، لم يكن ثمة بد من أن نتحلى بالصبر والتحمل لأجل قضيتنا وهمنا ومستقبل وطننا، ثمة ما يجعلك تذوق مرارة الصبر حلوة، وتحس لفح القيظ برداً وسلاماً، وترى قحول المسافات واحات، كل ذلك حين يكون الهدف أكبر وأعظم من مجرد نزوة أو لذة عابرة.
خلال الشهرين المليئين بالشوق والحنين والضيق والبكاء، كان لا بد من الخوض في معركة لم نكن قد خضناها من قبل أدواتها وسلاحها وميدانها جديد علينا، لكننا في الوقت ذاته طوعنا المعركة والسلاح والميدان، وأثبت وفدنا الوطني الذي يمثل فرسان المعركة العسكرية، وشعب معركة الصمود الأسطورية أنه فارساً في ميدان الدبلوماسية في تجربة تعد الأولى من نوعها، ليقف في حلبة التفاوض كما لو كان فريقاً من مخضرمي السياسة والدبلوماسية الدولية، كل هذا لأنه يحمل قضية ومبدأ وينطلق من حق ومشروع.
أمضينا شهرين، ولم تمض المشاورات كما كنا نتوقع، الأيام تمر سريعاً، والمشاورات تمر ببطء، ليس لأن وفدنا الوطني متطرف في أدائه الدبلوماسي، بل على العكس قدم الكثير من السيناريوهات والبدائل، لكن لأن الوفد الذي يمثل العدوان أو ما يسمى وفد الرياض، لا يمتلك أي رؤية ولا نية للحل، وفد يصح أن نطلق عليه الوفد المدلل الذي يقف المجتمع الدولي أمام تناحته وإفلاسه بصمت، فيما لو كان الوفد الوطني يقف في نفس مربعه لكانت مشاورات الكويت قد حسمت ضد وفدنا الوطني.
المجتمع الدولي خلال الشهرين الماضيين لمس في أداء وفدنا الوطني الجدية والسلاسة والمنطقية والواقعية، لكن لأن المجتمع الدولي له حساباته وأهدافه، وتقف بعض القوى فيه وراء العدوان وتستفيد من استمراره، فإنهم يقفون عاجزين حتى عن مجرد التأكيد على صوابية ما يطرحه وفدنا الوطني، يكتفون بالإشادة ثم يتولون وهم في حيص بيص.. لا يستطيعون أن يساندوا وفد الرياض ويشعرون بالخجل من إفلاسه وعجزه وأدائه المتشنج المتشدد، وفي نفس الوقت لا يستطيعون أن يقولوا كلمة الحق ويدفعون باتجاه الحلول المنطقية رغم أنها واضحة أمامهم كوضوح الشمس.. فقط لأنها جاءت من الوفد الوطني.
خلال شهرين مضيا  رسم الوفد الوطني أكثر من خارطة طريق تشكل مخارج آمنة سواء للعدوان ولهادي وللمجتمع الدولي المتورط في جريمة العدوان على اليمن سواء بالصمت أو بالمشاركة أو بالتواطؤ، لكننا هنا نؤكد أن الشهرين كانا فرصة ذهبية للطرف الآخر ليخرج من مستنقع الحرب، أما نحن كيمنيين.. كحاملي قضية.. فإننا عزمنا المواصلة في مشروع التحرر والاستقلال سواء عبر الطاولة أو عبر جبهات الشرف والفداء.
وسننتصر أو ننتصر.. بإذن الله.