النباء اليقين

إلى صَعْدَة ..

إلى صَعْدَة .. للشاعر كريم الحنكي..
(كُتِبت أثناء الحرب الخامسة في(2008))

يا ناهِدَ الرِّيحِ: لا تَنْهَدْ بغَيرِ هَوَىً
من مُنْتَهَى اليمنِ الأدْنَى، إلى صعدَةْ
عَرِّجْ على خاطِرِي، وَاحْمِلْهُ مُرْتَحِلاً
حتى تُبَلِّغَها، من واجِدٍ، وَجْدَهْ
وَصِلْ بِها الْأهلَ في تلكَ النُّجُودِ، وَطُفْ
بي بين هِجْرَاتِ أعلامِ الْهُدى مُدَّةْ
وقِفْ وُقُوفَ حَجِيجٍ طافَ مُعتَقِدَاً
بِحَيِّ مَرَّانَ؛ واحْمِلْ للدُّنَى رِنْدَهْ
وَاسْتَقْرِ مُهْجَةَ حُوْثٍ، حَيثُما سَنَحَتْ
حتَّى تُضِيءَ ثَبَاتاً ساعَةَ الشِّدَّةْ
وَتَسْتَزِيدَ منَ النُّورِ الْفَرِيدِ يَدَاً
أُخْرَى، دَنَتْ لَكَ رُغْمَ الْبَيْنِ مُمْتَدَّةْ.

هَذِيْ بلادِيْ، وإنْ عَزَّتْ عَلَيَّ نَوَىً
يَسُوْمُها الدَّهْرُ عَسْفَاً، لم نَقِفْ عِنْدَهْ
فَاشْهَدْ على كُلِّ كَفٍّ مُرَّةٍ أثِمَتْ
وَاسْتَغْفِرِ الْجُرْحَ فِي الْإنسانِ والبَلْدَةْ
وَاحْبِسْ لَدَى قَحْزَةَ الْأنْفَاسَ ، عنْ فَزَعٍ
من مشهدٍ عالِقٍ لم تَعْتَرِفْ نِدَّهْ
تَجِدْ بِها الصِّبْيَةَ الْقَتْلَى بلا سَبَبٍ
مُشَرَّدِينَ، وكُلٌّ يَبْتَغِي لَحْدَهْ
وَاحْنُنْ بِضَحْيَانَ، وامْتَحْ من نَوَائِحِهِ
ما قَدْ يُحَرِّكُ صَخْرَ الْأنْفُسِ الصَّلْدَةْ
وَاسْتَقْطِرِ الْكَرْمَ صَبْرَاً إنْ مَرَرْتَ على
حَيْدَانَ، حَتَّى يَحُلَّ الْعَاقِدُ الْعُقْدَةْ.

سَلِّمْ على كُلِّ دارٍ بَرَّةٍ قُصِفَتْ
وكُلِّ شِلْوٍ تَرَامى في الْخَلَا، وَحْدَهْ
وفي ثَرَى مَدْرَجٍ خِصْبٍ قَدِ احْتَرَقَتْ
زُرُوْعُهُ، يَتَمَنَّى أهْلُهُ رِفْدَهْ
وَآسِ فيها الأيامَى وَالثَّوَاكِلَ، لا
تَبْخَلْ بِوُدِّكَ، إنْ أخْفَى الْوَرَى وُدَّهْ
وَامْسَحْ على كُلِّ عَيْنٍ حُرَّةٍ سَفَحَتْ
فَاسْتَنْبَتَ الْحُزْنُ، من أجْفانِها، وَرْدَهْ
وَكُلِّ عَذْرَاءَ يُؤْوِيْ صَدْرُها كَمَدَاً
تَنَهُّدَاتِ زَمَانٍ لم يَصُنْ عَهْدَهْ
وَكُلِّ حُرِّ الرُّؤَى، أعْيَتْهُ طَائِفَةٌ
بَغَتْ عَلَيهِ؛ فَأوْرَى دُوْنَها زِنْدَهْ
وَقَدْ طَوَى دارَةَ الْإيْمَانِ مِنْهُ على
أوْطَانِهِ؛ وَتَعَالَى مُنْجِزَاً وَعْدَهْ
وَكُلِّ مُسْتَشْهِدٍ مِنْ أهْلِها، حَفِظَتْ
أحْنَاؤُهُ عَهْدَ أرْضٍ هَدْهَدَتْ مَهْدَهْ
فَهَبَّ مُمْتَشِقَاً عَزْمَاتِهِ، رَجُلاً
قَبْلَ الرُّجُوْلَةِ، يُهْدِي مَهْدَهُ شَهْدَهْ.

يا نَاهِدَ الرِّيْحِ، إنْ صَعَّدْتَ منْ عَدَنٍ
أنْفَاسَ أمْوَاجِها طِيْبَاً، إلى صَعْدَةْ
نَسْنِسْ على وَجْدِها الْمَأْنُوسِ، مُعْتَذِرَاً
عَنِ الْجَنُوْبِ؛ وَلُمْ مَنْ ضَلَّلُوا جُنْدَهْ
وَابْرَأْ إلى أهْلِهَا مِمَّا جَنَتْهُ يَدٌ
مَمْسُوْسَةٌ، وَنِظَامٌ فاقِدٌ رُشْدَهْ
وقُلْ لَهَا، وَلَهُمْ، أنَّا يُوَحِّدُنا
جَوْرٌ تَمَادَى، وَبَغْيٌ بالِغٌ حَدَّهْ
طَالَتْ نِهَايَتُهُ حتَّى اسْتَبَدَّ بِهِ
“مَجْدُ السُّقُوْطِ”؛ فَرَاعَ النَّجْدَ والْوَهْدَةْ.

يا صَعْدَةَ الْيَمَنِ الْأعْلَى: عَلَيْكِ شَذَىً
مِنْ مُنْتَهَى الْيَمَنِ الْمَشْطُوْرِ.. بِالْوَحْدَةْ.