النباء اليقين

في ذكرى المولد النبوي .. النبي الأكرم (ص) رمز وحدتنا

رغم ان الأمة الإسلامية تملك من مقومات الوحدة ما لم تملكها امة من الامم، فالقران الكريم والاسلام العظيم والكعبة المشرفة والنبي الاكرم من بين اهم هذه المقومات، الا ان المسلمين اليوم هم اكثر شعوب الارض تنافرا وفرقة وضعفا وهوانا.

ما وصل اليه المسلمون من حالة متردية، ساهم في نشأتها المستعمر، الذي وقف على اسباب قوة المسلمين ومقومات وحدتهم، فاستهدفها باساليب خبيثة انطلت على المسلمين، فاشاعت بينهم العصبيات الطائفية، فانشغلوا بالخلافات على قلتها، ونبذوا المشتركات على كثرتها، فذهبت ريحهم واندرست معالم حضارتهم.

لم يستهدف المستعمر رمزا من رموز وحدة المسلمين، كما استهدف نبي المسلمين وخاتم المرسلين النبي الأكرم محمد بن عبدالله صلى الله عليه واله وسلم، لمعرفة المستعمر، بمدى التأثير الذي يمكن ان يتركه هذا الرمز العظيم على وحدة وانسجام وقوة المسلمين.

النبي الأكرم (ص) الذي نعيش اليوم ذكرى مولده الشريف واسبوع الوحدة الاسلامية، تعرض للاستهداف الممنهج من جبهتين، الاولى جبهة خارجية متمثلة بالمستعمر وجبهة داخلية متمثلة بالقراءة المشوهة والمتطرفة والتكفيرية للاسلام، والتي جاءت على هوى المستعمر الذي استغلها ابشع استغلال واستخدمها كسلاح لضرب الإسلام من الداخل، وشاهدنها تجلياتها في ممارسات الجماعات التكفيرية التي شوهت وبشكل بشع صورة الاسلام والمسلمين.

منذ ان وطأت قدم المستعمر اوطاننا، بدأت الدراسات الاستشراقية التي كانت في جانب كبير منها تهدف الى الاساءة الى النبي الاكرم والتشكيك برسالته الالهية، عبر ضخ كم هائل من الاكاذيب في اطار “اكاديمي” منمق، انخدع بها حتى بعض المسلمين الذين يدعون العلم والثقافة.

رغم الجهد الكبير الذي بذله المستعمر على مدى عقود طويلة للإساءة الى نبي الاسلام (ص)، الا انه لم يتمكن من تحقيق هذا الهدف على نطاق واسع، فقد ظلت هذه الدراسات محصورة بين طيات الكتب وعلى رفوف المكتبات وبين اروقة بعض المراكز التي تدعي “العلمية”.

عندما ظهرت السينما والاذاعة والتلفزيون، استغل المستعمر هذه الوسائل وعلى نطاق لتشويه صورة الرسول الاعظم (ص)، حيث انتج المستعمر العديد من الأفلام التي تطعن بالاسلام ونبي الاسلام، وتظهر المسلمين على انهم اناس متعطشون للدماء وساديون ومتخلفون.

رغم ان تإثير هذه الأفلام كان اكبر من تأثير الكتب و”الدراسات” الاستشراقية، على المتلقي الغربي، وهو عادة متلق لا يعرف شيئا عن الاسلام وعن نبي الاسلام (ص)، ويمكن بالتالي توجيهه الوجهة التي يريدها القائمون على تلك الافلام، الا ان هذا التأثير بقي محدودا قياسا بما سيحصل لاحقا من استهدافات.

الضربة القاسية التي وجهت لصورة نبي الإسلام (ص)، جاءت من قبل اناس يرفعون راية الاسلام والاسلام منهم براء، بعد ان وجد فيهم المستعمر الذي تمثله اليوم امريكا، ضالته، فجندهم ودربهم وسلحهم وشحنهم من مختلف دول العالم الى منطقة الشرق الأوسط، لاسيما في العراق وسوريا وقبل ذلك في افغانستان وباكستان، ليعيثوا فيها فسادا وتقتيلا وتدميرا، باسم الاسلام ونبي الاسلام (ص).

الجماعات التكفيرية مثل القاعدة و”داعش” و”جبهة النصرة” وشقيقاتها في العراق وسوريا ومصر وباكستان وافغانستان وليبيا والصومال ونيجيريا ومالي و..، والتي تتقاسم العقيدة الوهابية التكفيرية، تحولت الى معاول بيد المستعمر الامريكي لهدم البلدان والمجتمعات العربية والاسلامية، وبث الفقرة والشقاق فيها، عبر خطاب طائفي تكفيري مقزز، اساء كثيرا لصورة الاسلام والمسلمين في العالم اجمع.

لم يكن من باب الصدفة ان ترفع عصابة اجرامية مثل “داعش” راية النبي الاكرم (ص)، كشعار وراية لها، فقد تم ارتكاب ابشع وافظع واشنع الجرائم بحق الانسانية وبحق المسلمين تحت هذه الراية، التي اساءت “داعش” من خلال ذلك ايما اساءة الى النبي الاكرم (ص)، كما لم يكن من باب الصدفة ان يكفر مشايخ الوهابية كل من يحتفل بمولد نبي الرحمة (ص) من المسلمين، بعد ان اعتبروا كل مظهر من مظاهر الاحتفال بالمولد النبوي “بدعة” و”ضلالة” و”كفر”!!.

اليوم ونحن نعيش اجواء اسبوع الوحدة ومولد النبي الاكرم (ص)، علينا ان نعرف قيمة هذا الرمز الكبير وان نعرفه للعالم اجمع، بعد المرحلة الصعبة التي عاشها المسلمون في ظل سيطرة بعض الجماعات التكفيرية على العراق وسوريا، والتي انتهت بفضل تضحيات الجيشين العراقي والسوري وقوات الحشد الشعبي وحزب الله وفصائل المقاومة بمساعدة الجمهورية الاسلامية في ايران.

علينا كمسلمين شيعة وسنة، لاسيما السنة الذين كانوا اكبر ضحايا الجماعات التكفيرية وعلى رأسها “داعش” والقاعدة، ان ننبذ الخلافات وان نتمسك بالمشتركات، وفي مقدمة هذه المشتركات، نبينا الأكرم (ص)، كرمز ليس لوحدتنا فقط، بل لعزتنا وكرامتنا وقوتنا.

* شفقنا