النباء اليقين

المملكة تتحول إلى مهلكة لأمراء آل سعود

إلى عهد قريب، وقبل أن يتولى الحكم في الرياض الملك سلمان، لم يكن مألوفا أن تظهر إلى العلن أيّة صراعات معلنة وتجاذبات شديدة ونزاعات مصيرية بين أجنحة العائلة المالكة في شبه الجزيرة العربية بالشكل الذي طغت وتفاقمت وتسارعت وتيرتها خلال السنوات الثلاث الماضية.

ومنذ أن ظهرت نزعة السيطرة وقويت لدى محمد بن سلمان شهوة حب الزعامة المطلقة – وهو في أوائل الثلاثينات من العمر – حتى بدأ يتبلور لدى الرأي العام مفهوم مشابه للقول المعروف في البلدان الثورية (الثورة تأكل أبناءها) وعلى غرار ذلك مافتئت (المملكة تأكل أمراءها)! إذ تحولت الرياض من عاصمة المملكة الى مهلكة!

وكما يحدث في لعبة الملاكمة من أن أحد الخصمين يوجه – في البداية – ضربات متتالية عن اليمين وعن الشمال للوصول بخصمه إلى الدوخة والدوار والترنح، ثم مايلبث أن يباغته بالضربة القاضية فيطرحه أرضا؛ فقد سار على ذات النهج وأرتقى الحلبة (محمد) طائشا مفتول العضلات، موجها الضربات الإستباقية إلى خصومه ليتغدى بهم قبل أن يتعشوا به! ويبادرهم بسيل من اللكمات فيطيح أرضا بإبن عمه محمد بن نايف وزير الداخلية وولي العهد، بالضربة القاضية يتبوأ منصبه بالقوة، ويفرض عليه الإقامة الجبرية ويأخذ البيعة عنوة من باقي الأمراء على مضض منهم مرغمين.

بيد أن عددا كبيرا من هؤلاء، اعتبروا هذا الأسلوب الإرهابي والطائش وسيلة غير مشروعة، ونمطا غير مألوف في تسلق سلم السلطة بسرعة، وتسلم ولاية العهد تمهيدا لإعتلاء عرش المهلكة.

وبما أن لدى الأمراء المناوئين إثنين من عناصر القوة، هما وسائل الإعلام، والمال الوفير فقد قرر محمد أن يباغتهم بغارة ليلية مفاجئة، فيسلب منهم عناصر القوة هذه، حيث اعتقل المئات منهم وحبسهم في سجن فندقي من فئة 5 نجوم، ليجدوا أنفسهم محاصرين في سجن بقضبان من ذهب!

ثم بدأت عمليات الضغط والإبتزاز بل التحقيق والتعذيب والحلب لملياراتهم، ومصادرة مالديهم من قصور ويخوت وممتلكات وسيارات والإستحواذ على حساباتهم المصرفية المتخمة بالمليارات المنهوبة. ويقال أنّ 3 أمراء قد قتلوا تحت التعذيب، والطريف أن من يحاسبهم ويحلبهم هو نفسه أكثر نهبا ولصوصية وإستحواذا على أموال المسلمين أبناء نجد والحجاز والشرقية من الجياع والفقراء والحفاة.

والحقيقة انّ هذا يذكرنا بما قام به عدي ابن المقبور صدام، فبعد كل الحروب الطائشة والعبثية ضد الجيران والإعدامات وسفك دماء الأبرياء من العراقيين وجيرانهم، رأى عدي أن صهره حسين كامل وأخاه صدام كامل بدأ يزداد نفوذه وتكثر ثرواته وتقوى شوكته، فخطط للإنقضاض عليه لكنه سارع للهروب إلى الأردن تحت جنح الظلام، وبحوزته حقائب متخمة بالدولارات، سوى ما يتوافر لديه من حسابات سرية في البنك العربي وبنك البتراء. لكنه سرعان ماخدع، فعاد إلى بغداد ووقع في الفخ، لتستقر رصاصات عدي في رأسه ورأس أخيه. وحتى برزان ووطبان أخوة صدام، لم يسلما من بطش عدي فأصابهما بطلقات من مسدسه، إذ كان يعد نفسه للجلوس على كرسي الرئاسة لولا إنتقام الله لدماء الملايين من الضحايا، فجاءه الأجل المحتوم ليدفن هو وطموحاته بالزعامة.

محمد الثلاثيني هذا (كعدي الثلاثيني) يتربص بأبيه الهالك وشيكا ريب المنون، ويتملكه جنون العظمة وحب الملوكية والسيطرةالمطلقة، فهل سيتاح له مايشاء ويتحقق حلمه؟! ورحم الله المتنبي القائل:

ما كل ما يتمنى المرء يدركه***تجري الرياح بما لا تشتهي السفن

رعد هادي جبارة